اعتبر رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل أن "البلد بصورة عامة يعيش بحالة هذيان، فالحس بالمسؤولية مفقود تماما كما الشعور بالوطنية، فيما مؤسسة الجيش هي الوحيدة التي تقدم التضحيات لبقاء لبنان سيدا حرا مستقلا وللحفاظ على كرامة اللبنانيين وطمأنينتهم"، منتقدا "القوى السياسية التي تتسلّى بالقشور وتتجنب معالجة لبّ المشكلة والبت بالقضايا المصيرية".
وشدد الجميل في حديث لـ"النشرة" على ان "نخوة وهمّة عناصر الجيش اللبناني وتضحياتهم، مصدر الأمل الوحيد بالمستقبل"، مستهجنا "القاء التهم والمسؤولية بقضية اختطاف العسكريين واستشهادهم على رئيس الحكومة السابق تمام سلام او قائد الجيش السابق جان قهوجي او غيرهما من المسؤولين السياسيين والامنيين في المرحلة الماضية"، معتبرا "اننا بذلك نختزل تاريخ لبنان ومفاصل الأزمة في مكان، بينما المسؤولية الحقيقية في مكان آخر تماما". واضاف: "المسؤولية الكبرى تقع على عاتق من يحرم الدولة والمواطنين من مؤسسات حرة ووطنية ومستقلة وعلى من يصادر الصلاحيات السيادية من السلطات الدستورية".
وحثّ الجميل في ذكرى اغتيال شقيقه رئيس الجمهورية السابق بشير الجميل على "أخذ العبر من تلك المرحلة والعودة الى مواقفه وكلامه الذي لا زال يجسد آمال وطموحات الشعب اللبناني بدولة حرة ومستقلة"، لافتا الى ان "بشير رمز بقافلة كبيرة من الشهداء بينهم نجلي الشهيد بيار الجميل وانطوان غانم ورئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والصحافي جبران التويني وغيرهم كثيرين".
أسوأ مرحلة بتاريخ لبنان؟
وتناول الجميل ملف الانتخابات النيابية، معتبرا ان "الطبقة الحاكمة تحاول اختزال الموضوع بالبطاقة الممغنطة، التي، نعلم تماما انها اقرت غطاء وحجة لتأجيل الانتخابات الى ما شاء الله"، لافتا الى انّه "في حال تخطينا مطبّ هذه البطاقة لأوجدوا حججا أخرى لتتكرر حكاية ابريق الزيت".
وتساءل الجميل: "هل مر لبنان بتاريخه بمرحلة أسوأ من التي نمر بها حاليا على الصعيد الحكومي"؟. وأضاف: "صحيح انّه في الماضي كان هناك تقصير وهدر وفساد لكن كان هناك عقاب ومحاسبة، اما اليوم فالفاسد لا يخجل بل يفتخر بانجازاته ويصوّر قويا وقادرا"!.
ورأى ان "تجربة القاضي شكري صادر أوضح تعبير عن ارادة السلطة وضع سيف على رقبة كل قاضي لا يمتثل لارادتها"، متسائلا: "كيف ننتظر من القضاة بعد هذه التجربة ان يتخذوا قرارات جريئة ومحقة"؟. وقال: "قضية القاضي صادر أوضح صورة للوضع الذي وصلنا اليه، فالمقامات تهان وتقهر بكل وقاحة، وتوجه الانذارات بشكل فذ لكل من لا يمتثل لارادة السلطة"، مشددا على انّه لو كان القاضي صادر مذنبا لوجب محاكمته لا نقله من منصب لآخر بنفس الاهمية من حيث مستلزمات النزاهة والكفاءة".
لا لمنطق الترهيب
وتطرق الجميل لملف سلسلة الرتب والرواتب، مشددا على ان السلسلة "حقّ مقدس للأجراء تكفله القوانين والمبادىء الانسانية ومبادىء العدالة الاجتماعية"، معتبرا ان المشكلة هي "بالطريقة العشوائية التي انتهجت لتمرير القانون". وقال: "اليوم لم نعد قادرين على العودة عن القانون لا سيّما وان الاجراء حرموا منه تعسفيا لفترة طويلة".
أما عن قانون الضرائب، فأشار الجميل الى ان ما قام به حزب "الكتائب" في هذا الاطار "يُعبّر عن رغبة مشاعر السواد الاعظم من الوزراء الذين اعترفوا بأن هذا القانون اقتُنص وعو غير مدروس وغير عادل وغير دستوري"، لافتا الى ان "دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمؤتمر الاقتصادي في بعبدا، بمثابة اقرار منه بأن مشروع القانون غير منطقي وغير منصف، ويتناقض مع المصلحة الوطنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية".
واذ عبّر الجميل عن ثقته الكبيرة بالقرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري في هذا المجال، أسف لاعتماد الدولة "منطق الترهيب من خلال القول بأنّه اذا لم يمر قانون الضرائب لن تكون هناك سلسلة". واضاف: "تغطية قانون الضرائب يجعلنا نغطي هرطقات دستورية، ونحن اليوم امام فرصة ردّ المجلس الدستوري للقانون لتصحيح الممارسة الدستورية وحفظ الاقتصاد اللبناني وفتح المجال لاقرار قانون أكثر عدلا وانصافا".